المشهور من مذاهب الحنابلة أن كفي المرأة كوجهها لا يجوز إخراجها أمام
الرجال غير المحارم ، وهذا هو ظاهر فعل النساء في عهد رسول الله صلى
الله عليه وسلم أعني ستر الكفين . ووجه ذلك أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال في المحرمة " لا تنتقب ولا تلبس
القفازين "، فإن نهيه للمحرمة أن تلبس القفازين يشعر بأن من
عادة النساء . وإلا لما كان لنهى المحرمة عن ذلك محل ، ولم تكن عادة
النساء في عهده صلى الله عليه وسلم لبس القفازين لم ينه عن ذلك حال
الإحرام . فعلى المرأة أن تتقي الله عز وجل ، ولا تظهر بمظهر تحصل به
الفتنة منها وفيها . قال سبحانه وتعالى لنساء النبي صلى الله عليه
وسلم أطهر النساء {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن
تبرج الجاهلية الأولى } (الأحزاب : 33) وقال تعالى {وإذا
سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء الحجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن
} ( الأحزاب : 53) . فإذا قال قائل : هذا خاص بزوجات النبي صلى
الله عليه وسلم . قلنا : إن طهارة القلب مطلوبة لنساء النبي صلى الله
عليه وسلم وغيرهن ، فكون الحجاب يحصل به طهارة القلب للرجال والنساء ،
يدل أنه لا فرق بين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن . وأعلم أن
الحجاب عند بعض الناس هو أن تغطي المرأة جميع بدنها إلا وجهها ، والحق
الذي تدل عليه الأدلة ويقتضيه النظر كما يقتضيه الأثر ، أنه لا بد أن
تغطي المرأة وجهها ، لأن الوجه هو محل الفتنة ومحل الرغبة ، ولا أحد
يشك أن مطلب الرجال أولا هو جمال الوجه للمرأة دون بقية الأعضاء .
فلتتق الله ، ولتحتشم ، ولتبتعد عن الفتنة ، ولتستر وجهها حتى لا يحصل
الشر والفساد .