معنى لا إله إلا الله
الشيخ عبد العزيز بن باز
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين ، وعلى
آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :
فقد اطلعت على الكلمة التي كتبها أخونا في الله العلامة الشيخ عمر بن أحمد
المليباري في معنى لا إله إلا الله ، وقد تأملت ما أوضحه فضيلته في أقوال الفرق
الثلاث في معناها . وهذا بيانها :
الأول : لا معبود بحق إلا الله .
الثاني : لا مطاع بحق إلا الله .
الثالث : لا رب إلا الله .
والصواب هو الأول كما أوضحه فضيلته ، وهو الذي دل عليه كتاب الله سبحانه في
مواضع من القرآن الكريم مثل قوله سبحانه : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ وقوله عز وجل : وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
وقوله سبحانه : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ وقوله
سبحانه وتعالى : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ
مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ
والآيات في هذا المعنى كثيرة ، وهو الذي فهمه المشركون من هذه الكلمة حين دعاهم
النبي صلى الله عليه وسلم إليها ، وقال : " يا قومي قولوا لا إله إلا الله
تفلحوا " .
فأنكروا ذلك ، واستكبروا في قبوله ، لأنهم فهموا أن ذلك يخالف ما عليه آباؤهم من
عبادة الأصنام والأشجار والأحجار ، وتأليههم لها ، كما ذكر الله عز وجل في قوله
سبحانه في سورة ص : وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ
الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا
إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ
وقال سبحانه وتعالى في سورة الصافات عن المشركين : إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا
قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ
أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ فعلم من ذلك أنهم فهموا
معناها بأنها تبطل آلهتهم وتوجب تخصيص العبادة لله وحده ، ولهذا لما أسلم من
أسلم منهم ، ترك ما هو عليه من الشرك ، وأخلص العبادة لله وحده ، ولو كان معناها
: لا رب إلا الله . أو لا مطاع إلا الله ، لما أنكروا هذه الكلمة ، فإنهم يعلمون
أن الله ربهم وخالقهم ، وأن طاعته واجبة عليهم ، فيما علموا أنه من عنده سبحانه
، ولكنهم كانوا يعتقدون أن عبادة الأصنام والأنبياء ، والملائكة والصالحين ،
والأشجار ونحو ذلك على وجه الاستشفاع بها إلى الله ، ورجاء أن تقربهم إليه زلفى
كما ذكر الله ذلك عنهم سبحانه في قوله الكريم : وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ
اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ
شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ فأبطل الله ذلك ورده عليهم بقوله سبحانه : قُلْ
أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي
الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ وفي قوله عز وجل :
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنْزَلْنَا
إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ *
أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ
أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى
والمعنى أنهم يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ، فرد الله عليهم ذلك
بقوله سبحانه : إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ
يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ
فبين سبحانه بذلك أنهم كاذبون في زعمهم أن آلهتهم تقربهم إلى الله زلفى ، كافرون
بهذا العمل . والآيات في هذا المعنى كثيرة .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين .
|