حكم من قام بذبح أضحيته
خارج بلاده
فضيلة الشيخ / سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعلمون أثابكم الله أن كثيراً من دول العالم الإسلامي في فقر شديد ، فأيهما أفضل
الأضحية في هذا البلد ، أم في هذه الدول الفقيرة ؟ 0
أفتونا مأجورين
لجواب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته 0
إن من المصالح الكبرى التي عنيت بها الشريعة الإسلامية ، وكانت أحد مقاصدها
العظمى ، تقديم المصالح ، والعناية بذوي الحاجة والفقر من المسلمين ، وإن من
المصالح المحققة في هذا الباب جواز نقل الأضحية من بلد المضحي إلى بلد آخر ،
لاسيما وليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يمنع ذلك
ويدفعه ، والأصل في ذلك الجواز ، فإذا كانت الزكاة وهي واجبة بالإجماع يجوز
نقلها من بلد إلى بلد للمصلحة والحاجة ، فكيف بالأضحية المستحبة 0
وقد منع من ذلك بعضهم مستدلاً بفوات إظهار الشعيرة ، وقد قال تعالى (
وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ
فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا
فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ
سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) 0
وفي الاستدلال بهذه الآية نظر من وجهين
الوجه الأول : أن يتفق الناس كلهم على ذبح ضحاياهم خارج بلادهم ، فيبقى إظهار
الشعيرة من هذا الوجه موجوداً 0
الوجه الثاني : على فرض أن الناس جميعاً يذبحون ضحاياهم خارج البلد ، فإن أصل
إظهار الشعيرة باق غير منتف ، فهو يظهر ويقوى ظهوره في بلد آخر ، وإن ضعف ظهوره
في البلد الأصل للحاجة والمصلحة 0
والقصد من الأضاحي هو إظهار الشعيرة ، في كل بلد ، ونفع الفقراء ( لَنْ يَنَالَ
اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ )
وقد جاء في الصحيحين من طريق أبي عاصم ، عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من ضحى منكم فلا يصبحن
بعد ثالثة وفي بيته شيء ) فلما كان العام المقبل ، قالوا يا رسول الله نفعل كما
فعلنا عام الماضي ؟ قال : ( كلوا وأطعموا وادخروا ، فإن ذلك العام كان بالناس
جهد فأردت أن تعينوا فيها )0
فالشارع لما نظر في فاقة الناس حرم عليهم الادخار فوق ثلاثة أيام ، فلما زالت
تلك العلة زال النهي 0
وحينئذٍ لا نجد حرجاً من الفتوى بجواز نقل الأضحية من بلد إلى آخر فإن أعداداً
كبيرة من المسلمين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ويعانون مسغبة ، وقد يموتون
جوعاً والحاجة داعية إلى الوقوف معهم ، وإغاثتهم بالزكوات والصدقات ، ونقل
الأضحية إلى بلادهم ، فإنه لا يتعين في الأضحية مكان بلد المضحي ، وحين تفوت
سنية الأكل من الأضحية فلا تفوت مصلحة إغاثة الفقراء والمساكين وسد حاجتهم ،
والله أعلم 0
أخوكم
سليمان بن ناصر العلوان
2/12/1423هـ
|