إيمان إبراهيم من بيروت: ليست المرّة الأولى التي يتعامل فيها فنّان مع صحافي بمنطق
الاستعلاء، وبالتّأكيد لن تكون الأخيرة، طالما أنّ هناك أقلام تتطبّل وتزمّر
للفنّان، إن أصاب وإن أخطأ، وبطل قضيّتنا اليوم هو الفنّان إيهاب توفيق، الذي فضّل
الهروب بعد أن أعطى موعداً لأحد الزّملاء في إحدى الإذاعات العربيّة، ولو أنّه هرب
قبل أن يلتزم بالموعد لما كنّا لمناه، ولما كان الهواء الذي حجز له عبر أثير
الإذاعة ليفرغ إلا من اعتذار الزّميل، الذي فوجىء بتخلّف إيهاب عن موعده في اللحظات
الأخيرة.
قد تصادفنا في حياتنا المهنيّة الكثير من المواقف المشابهة، كأن يعطيك نجم موعداً
ويتأخّر عن الحضور، أو يعتذر في اللحظات الأخيرة بسبب حادث سيّارة، وهي الحجّة التي
يتذرّع بها معظم الفنّانين، وكأن الحوادث لا تصادفهم إلا عندما يكونون في طريقهم
إلى إجراء مقابلة صحفيّة، لكن ما يمكن تداركه في الصّحافة المكتوبة، يصبح شبه
مستحيل في الإذاعة أو التّلفزيون، حيث يلعب عامل الوقت دوراً كبيراً في تحديد
مصداقيّة الإعلامي، الذي يضع المستمع أو المشاهد اللوم عليه، ويعطي صك البراءة
للفنّان، الذي يجد دائماً من المبرّرات ما يقنع به جمهوره.
فقد كان من المفترض أن يحل الفنّان إيهاب توفيق ضيفاً على إذاعة "صوت الغد"، ضمن
برنامج "وانتا مروّح" مع الزّميل مازن دياب، وتمّ الاتّفاق مع مدير أعماله على موعد
اللقاء، لكنّ النّجم لم يحضر، ما استدعى اتصالاً هاتفياً بمدير أعماله، الذي لم يرد
على هاتفه، إلا بعد أكثر من ساعة ليعتذر بحجّة أن إيهاب تعرّض لحادث سير، طالباً
تأجيل الموعد حتّى الغد، لكنّ الغد لم يحمل جديداً، إذ أقفل النّجم ومدير أعماله
هواتفهما، ولم يكلّفا نفسيهما عناء الاعتذار.
وإذا كان لإيهاب مبرّره للهروب، فإنّ الملام الأكبر هو الصّحافة الفنيّة التي
يتعامل بعضها مع الفنّانين بدونيّة، ويتملّقون النّجم ويستميتون في الدّفاع عن
أخطائه، وإذا ما تجرأ قلم جسور على الانتقاد، فقد يجد عشرات الأقلام التي تهاجمه
وتدافع عن الفنّان، متناسية أنّها قد تتعرّض في يوم ما لموقف مشابه، لأنّ الفنّان
وإن كان يحبّ التزلّف، فإنّه حتماً يحترم الصّحافة الشّريفة، التي تقول كلمة حق ولو
على حساب ما يصطلح البعض على تسميته بالعلاقة الشّخصيّة مع الفنّان، التي يبقى
الصّحافي الخاسر الأكبر فيها، حين تختلط العلاقة الشّخصيّة بالمهنيّة، وتصبح
المجاملات سيّدة الموقف.
قبل أشهر، حضرت الفنّانة رغدة إلى بيروت، لتشارك في عرض المصمّمة الإماراتيّة منى
المنصوري كضيفة شرف، حيث كان من المقرّر أن تعرض فستاناً من تشكيلة المصمّمة،
واتّفقت مع اللجنة المنظّمة للعرض على أن تعقد مؤتمراً صحفياً لتتحدّث فيه عن
أعمالها الفنيّة، وتجربتها مع الكتابة، وتمّت دعوة الصّحافيين الذين فوجئوا في
اللحظات الأخيرة يأنّ المؤتمر تأجّل ساعتين، وبعد ساعتين حضروا لكنّ النّجمة لم
تحضر، وتعلّل سائقها بعد اتصالات عدّة أجراها معه المسؤول الإعلامي في المؤتمر،
بأنّ النّجمة مصابة بألم شديد في ظهرها، لكنّ الألم ما لبث أن زال في اليوم
التّالي، حيث وقفت تختال بفستان رائع للمصمّمة الإماراتيّة... القصّة قديمة، لكنّ
الملفت فيها أنّ الصّحافيين الذين حضروا إلى المؤتمر، سارعوا إلى حضور العرض،
والتقطوا الصّور للنّجمة، ونشروها وكأنّ شيئاً لم يكن، وكأنّ النّجمة لم تستهن بهم،
وبكراماتهم. ويبقى الصّحافيّون أوّل الملامين، رغم أنّ البعض يقول أنّه لو قاطع كل
الفنّانين الذين يتصرّفون على هذا النّحو، لأصبحت الدّائرة محصورة بفنّانين يعدّون
على أصابع اليد الواحدة، ولصدرت مجلّته فارغة المضمون.
وبعيداً عن تحديد الملام، أكتفي بسرد الواقعتين، وأترك الحكم لكم